الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: مجمع الأمثال **
*2* - 2830- قَطَعَتْ جَهِيزَةُ قَوْلَ كُلِّ خَطِيبٍ أصله أن قوما اجتمعوا يخطبون في صُلح بين حيين قتل أحدُهُما من الآخَر قتيلا، ويسألون أن يرَضوا بالدِّية، فبيناهم في ذلك إذ جاءت أمة يُقَال لها "جهيزة" فَقَالت: إن القاتل قد ظَفِرَ به بعضُ أولياء المقتول فقتله، فَقَالوا عند ذلك "قَطَعَتْ جهِيزةُ قول كل خطيب" أي قد استغنى عن الخُطَب. يضرب لمن يقط على الناس ما هم فيه بَحَمَاقةً يأتي بها. 2831- قَوِّرِى وَالطُفي قَاله رجل لامرأته، وكان لها صديقَ طَلبَ إليها أن تَقَدَّ له شِراكين من شَرج أست زوجها، فلما سمعت ذلك استعظمته وزَجَرته، فأبى إلا أن تفعل، فاختارت رضاه على صلاح زوجها، فنظرت فلم تَجِدْ له وَجْهاً ترجو به إليه السبيل إلا أن عَصَبَتْ على مَبَالِ ابنٍ لها صغير بقصبة وأخفتها، فَعَسُرَ عليه البولُ، فاستغاث بالبكاء، فلما سمع أبوه البكاء سألها: ما يُبْكِه؟ فَقَالت: أخذه الأسْرُ وقد نُعِت لي دَوَاؤُه طريدة تُقَدُّ له من شَرْج استك، فأعظم الرجلُ ذلك، وجعل الأمرُ لا يزداد بالصبي إلا شدة فلما رأى أبوه ذلك اضطجع وقَال: دونَكِ يأمَّ فلان قَوِّرِى وَالطُفي، فاقتطعت منه طريدةً لتُرْضى صديقها، وأطلقت عن الصبي. [ص 92] يضرب للرجل الغمر الغر ليحذر. 2832- قِيلَ لحُبْلَى: ما تَشَتَهِينَ؟ فَقَالت: التَّمْرَ وَوَاها لِيَهْ أي أشتهى كل شَيء يذكر لي مع التمر، وواها ليه: أي أشتهيه ويعجبنى. يضرب لمن يشتهى ما يذكر. وواها: كلمة تعجب، تقول لما يعجبك: واها له، قَال أبو النجم: وَاهاً لِرَيَّا ثُم وَاهَاً واَهَا * يَالَيْتَ عَيْنَاهَا لَنَا وَفَاهَا بِثَمَنٍ نُرْضِى بِهِ أبَاهَا* 2833- قَبْلَ النَّفَاسِ كُنْتِ مُصْفَرَّةً يضرب للبخيل يعتلّ بالإعدام وهو مع الإثراء كان بخيلا. 2834- قَبْلَ البُكَاءِ كانَ وَجْهُكَ عَابِسا يضرب لمن يكون العُبُوسُ له خِلْقَةً، ويضرب للبخيل يعتلُّ بالإعسار وقد كان في اليسار مانعا. 2835- قَدْ نَجَّذَتْهُ الأمُورُ يضرب لمن أحكَمَته التَّجَارِب. ولعله من بنات النَّوَاجذ، يُقَال: عَضَّ على نَاجِذِهِ، أي قد أسَنَّ، قَال سُحَيْم ابن وَثيل الرياحى: أخو خمسينَ قَدْ تَمَّتْ شَذَاتِى * وَنَجَّذَنِى مُدَاوَرَةُ الشُّؤُنِ (يروى صدره *أخو خمسين مجتمع أشدى* والشذاة - كفتاة - بقية القوة والشدة.) 2836- اقْصِدْ بِذَرْعِكَ الذَّرْع والذِّراع واحد. يضرب لمن يتوعَّدُ. أي كلَّفْ نفسَكَ ما تطيق، والذَّرْع: عبارة عن الاستطاعة، كأنه قَال: اقْصِدِ الأمر بما تملكه أنت لا بما يملكه غيرك: أي توعَّدْ بما تَسَعُه قدرتُكَ، ولا تطلب فوقَ ذلك في تهددى. 2837- انْقَطَعَ السَّلَى فِى البَطْنِ السَّلَى: جِلْدة رقيقة يكون فيها الولد من المَوَاشى إن نزعت عن وَجْه الفصيل ساعَةَ يولدُ وإلاَّ قتلته، وكذلك إذا انقطع السلى في البطن، فإذا خرج السَّلّى سلمت الناقة وسلم الولد، وإلا هلكت وهلك الولد، يُقَال: ناقة سَليَاء، إذا انقطع سَلاَها. يضرب في فُوات الأمر وانقضائه. 3838- قلَبَ الأمْرَ ظَهْراً لِبْطْنٍ يضرب في حسن التدبير. [ص 93] واللام في "لبطن" بمعنى على، ونصب "ظهراً" على البدل، أي قلَبَ ظهر الأمر على بطنه حتى علم ما فيه. 2839- قَدَحَ فِي سَاقِهِ القَدْح: الطعن، والساق: الأصل، مستعار من ساقَ الشجرة، وهو جِذْعُها وأصلها. يضرب لمن يعمل فيما يكره صاحبه. 2840- قَرَعَ لهُ ظُنُبُوبَهُ إذا جَذَّ فيه ولم يَفْتَرْ، قَال سَلاَمة بن جَنْدَل: إنَّا إذَا مَا أتَانَا صَارِخٌ فَزْعٌ * كانَ الصُّرَاخَ لهُ قَرْعُ الظَّنَابيبِ أي إذا أتانا مستغيثٌ كانت إغاثته الجِدّ في نصرته. 2841- قَدْ شَمَّرَتْ عَنْ سَاقِها فَشَمِّرِى يضرب في الحث على الجد في الأمر. والتاء في "شمرت" للداهية، والخطاب في "شَمِّرِى" على التأنيث للنفس. 2842- قَبْلَ الضُّرَاطِ اسْتِحْصافُ الأليتَيْنْ أي قبل وقوع الأمر تُعَدُّ الآلَةُ 2843- قُرْبُ الوِسَادَ وطُولُ السِّوادِ يضرب للأمر الذي يُلْقى الرجلَ فيما يكره. وقيل لابنه الخُسِّ: لم زَنَيتِ وأنت سيدة قومِكِ؟ فَقَالت هذه المقَالة، وقَال بعض العلماء: لو أتمت الشرح لقَالت: قرب الوِساد، وطول السِّوَادِ، وحُبُّ السِّفَاد. والسَّواد: المُسَارَّة، وهو قرب السَّوَاد من السَّواد، يعنى الشخص من الشخص. 2844- قَدْ يَبْلُغُ القَطُوفُ الوساعَ القَطُوف من الدواب: الذي يُقارِب الخَطْو، الوسَاع: ضِدّه. يضرب في قناعة الرجل يبعض حاجته دون بعض. 2845- قَدْ يُبْلَغُ الخَضْمُ بِالقَضْمِ الخَضْم: أكلٌ بجميع الفم، والقضم: بأطراف الأسنان. قَال ابن أبى طرفة: قدم أعرابي على ابن عم له بمكة، فَقَال له: إن هذه بلاد مَقَضَم، وليست بلاد مَخْضَم. ومعنى المثل: قد تدرَكُ الغايةُ البعيدةُ بالرفق، كما أن الشعبة تدرك بالأكل بأطراف الفم، قَال الشاعر: تَبَلَّغْ بأخلاقَ الثِّيَابِ جَدِيدَها * وَبالقَضْمِ حتَّى تُدْرِكَ الخَضْمَ بالقَضْمِ 2846- قد استَنْوَقَ الجَملُ أي صار ناقةً. [ص 94] وكان بعض العلماء يخبر أن هذا المثل لطرَفة بن العبد، وذلك أنه كان عند بعض الملوك والمُسَيَّبُ بن عُلَس ينشد شعراً في وصف جَمل، ثم حوَّله إلى نعت ناقة، فَقَال طرفه "قد استَنْوَقَ الجمل" ويقَال: إن المنشد كان المتلمس، أنشد في مجلس لبنى قيس بن ثعلبة، وكان طرفة يلعب مع الصبيان ويتسمَّع، فأنشد المتلمس: وَقَدْ أتَنَاسَى الهمَّ عِنْدَ احْتِضَارِهِ * بِنَاجٍ عَلَيْهِ الصَّيْعَرِيَّةُ مكدم كُمَيْتٍ كَنَازِ اللَّحْمِ أوْحَمِيَرية * مُوَاشِكَة تَنْفِى الحَصَى بِمُلَثَّمِ كأن على أنْسَائِهَا عِذْقَ خَصْبَةٍ * تَدَلَّى مِنْ الكَافُورِ غَيْرَ مُكَمَّمِ والصيعرية: سِمَة تُوسم بها النوقَ باليمن، فلما سمع طَرَفة البيتَ قَال: استنوقَ الجمل، قَالوا: فدعاه المتلمس وقَال له: أخْرِجْ لسانَكَ، فأخرجه فإذا هو أسْوَد، فَقَال: وَيْلٌ لهذا من هذا. قَال أبو عبيد: يضرب هذا في التخليط 2847- قُودُوهُ بي بَارِكاً وذلك أن امرَأة حُمِلَتْ على بعير وهو بارك، فأعجبها وَطْء المركب، فَقَالت: قُودى بي باركا. يضرب لمن يتعوَّدُ (كذا، وأحسبه "لمن لم يتعود - " إلخ) مُبَاشرة الترفة ثم باشرها. 2848- قَرِّبِ الحِمارَ مِنَ الرَّدْهَةِ وَلا تَقُلْ لهُ سَأْ الرَّدْهة: مسنتقع الماء، وسأ: زَجْر للحمار، يُقَال: سَأْسَأتُ يالحمار، إذا دَعَوْتَه ليشرب. يضرب للرجل يعلم ما يصنع. أي كِلِ الأمرَ إليه ولا تُكْرِهْهُ على فعله إذ أرَيته رشده. 2849- اقْلِبْ قَلاَبِ هذا مثل يضرب للرجل تكون منه سقطة فيتداركها بأن يقلبها عن جهتها ويصرفها عن معناها. وهو في حديث عمر رضي الله عنه، قَال أبو الندى في أمثاله: يُقَال "أحمقَ من عدى بن جناب" وهو أخو زهير بن عد بن جناب، وكان زُهير وَفَّادا على الملوك، وفدَ على النعمان ومعه أخوه عدى، فقال النعمان: يا زهير إن آمي تشتكى، فِبمَ يتداوى نساؤكم؟ فالتفت عَدِىٌّ فَقَال: دواؤها الكمرة، فَقَال النعمان لزهير: ما هذه؟ فَقَال هي الكمأة أيها الأمير، فقال عدى: اقْلِبْ قَلاَب، ما هي إلا كمرة الرجال. [ص 95] 2850- قَدْ يَضْرَطُ العَيْرُ وَالمِكْوَاةُ في النَّارِ أول من قَال ذلك عُرْفُطة بن عَرْفَجة الهَزَّاني، وكان سيد بنى هِزَّان، وكان حُصَين بن نبيت العُكْلى سيد بنى عُكْل، وكان كل واحد منهما يغير على صاحبه، فإذا أسرت بنو عكل من بنى هِزَّان أسيراً قتلوه، وإذا أسرت بنو هِزَّان منهم أسيراً فَدَوْه، فقدم راكب لبنى هِزَّان عليهم فرأى ما يصنعون، فقال لبنى هِزَّان: لم أر قوماً ذوى عَدَد وعُدَّة وجَلَد وثَرْوَة يلجئون إلى سيد لا ينقض بهم وتْراً، أرضيتم أن يَفْنَى قومُكم رغبةً في الدِّيةِ، والقومُ مثلكم تؤلمهم الجِرَاح، ويَعضُّهم السلاح؟ فكيف تقتلون ويسلمون؟ ووبخهم توبيخاً عنيفاً، وأعلمهم أن قوماً من بنى عُكْل خرجوا في طلب إبل لهم، فخرجوا إليهم فأصابوهم، فاستاقوا الإبل وأسَروهم، فلما قدموا محلتهم قَالوا: هل لكم في اللّقَاح، والأمة الرَّدَاح، والفَرَس الوَقَاح؟ قَالوا: لا، فضربوا أعناقهم، وبلغ عُكْلاً الخبرُ، فساروا يريدون الغارة على بنى هِزَّان ونذرت بهم بنو هِزَّان، فالتفوا فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى فَشَتْ فيهم الجراح، وقتل رجل من بنى هِزَّان، وأسرَ رجلان من بنى عُكْلٍ وانهزمت عكل، وإن عرفطة قَال للأسيرين: أي كما أفضل لأقتله بصاحبنا؟ وعسى أن يفادى الآخَر، فجعل كل واحد منهما يخبر أن صاحبه أكرم منه، فأمر بقتلهما جميعاً، فقدِّم أحدُهما ليقتل، فجعل الآخَر يَضْرَطُ، فَقَال عرفطة: قد يضْرَطُ العيرُ والمكواة في النار، فأرسلها مَثَلاً. يضرب للرجل يخاف الأمر فيجزع قبل وقوعه فيه. وقَال أبو عبيد: إذا أعطى البخيل شيئاً مخافة ما هو أشد منه قَالوا: قد يَضْرَطُ العَيْرُ والمكواة في النار. ويقَال: إن أول من قَاله مُسَافر بن أبى عمرو بن أمية، وذلك أنه كان يَهْوَى بنت عتبة، وكانت تهواه فَقَالت له: إن أهلي لا يزوجونني منك لأنك مُعَسِر، فلو قد وَفَدْتَ إلى بعض الملوك لعلك تصيب مالا فتتزوجني، فرحل إلى الحِيرَة وافداً على النعمان، فبينما هو مُقيم عندهُ إذ قَدِم عليه قادم من مكة، فسأله عن خبر أهل مكة بعده فأخبره بأشياء وكان فيها أن أبا سفيان تزوج هندا، فطُعنَ مسافر من الغم، فأمر النعمان أن يكوى، فأتاه الطبيب بمَكَاويه فجعلها في النار، ثم وضع مكواة منها عليه وعِلْجٌ [ص 96] من عُلُوج النعمان واقف، فلما رآه يُكْوَى ضَرِط، فَقَال مسافر: قد يَضْرَطُ العيرُ والمكواة في النار، ويقَال: إن الطبيب ضَرِطَ. 2851- قَبْلَ عَيْرٍ وَما جَرَى أي أولَ كل شَيء ، يُقال: لقيته أول ذات يدين، وأولَ وَهْلَةٍ، وقَبْلَ عيرٍ وما جرى. قَال أبو عبيد: إذا أخبر الرجلُ بالخبر من غير استحقاقَ ولا ذكر كان لذلك قيل: فَعَلَ كَذا وكذا قبل عَيْر وما جَرَى. قَالوا: خص العَير لأنه أحْذَر ما يُقَنَص وإذا كان كذلك، كان أسْرَعَ جرياً من غيره، فضرب به المثل في السرعة. وقَال الأصمعي: معناه قبل أن يجرى عَيْر وهو الحمار، وقَال غيره: يريد بالعَيْر المثال في العين، وهو الذي يُقَال له اللُّعبَةُ، والذي يجرى عليه هو الطَّرْف، وجَرْيهُ حركته، فيكون المعنى قبل أن يطرف الإنسان، قَال الشماخ: وتعدو القَبضَّى قَبْلَ عَيرٍ ومَا جَرَى * وَلَمْ تَدْرِ مَا بَالي ولَمْ أدْرِ مَالَهَا ويروى: القَمِصَّى، والقَبِصَّى، والباء بدل من الميم، وهما ضرب من العَدْو فيه نزو، ومن روى بالضاد فهو من القباضة وهى السرعة ومنه يعجل ذا القباضة الوحيا* ويقَال: جاء فلان قبل عير وما جرى، وضرب قبل عير وما جرى، يريدون السرعة في كله. 2852- قَدْ حِيلَ بَينَ العِيرِ وَالنَّزوانِ أولُ من قَال ذلك صَخْر بن عمْرو أخو الخَنْسَاء. قَال ثعلب: غزا صَخر بن عمرو بنى أسد بن جُزَيمة، فاكتَسَحَ إبلهم، فجاءهم الصَّرِيخ فركبوا فالتقوا بذات الأثل، فَطَعَنَ أبو ثَوْر الأسدى صَخْراً طعنةً في جَنْبه، وأفلت الخيل فلم يُقْعَصْ مكانه وجَوِى منها، فمرض حَوْلاً حتى ملَّه أهلُه، فسمع امرَأة تقول لامرأته سَلمى: كيف بَعْلُكِ؟ فَقَالت: لا حَيٌّ فُيرْجَى ولا مَيْتٌ فيُنْعى، لقد لقينا منه الأمرين، فَقَال صخر: أرَى أمَّ صَخْرِ لاَ تَملُّ عِيَادَتى* وفي رواية أخرى: فمرضَ زمانا حتى مَلَّته امرأته، وكان يكرمها، فمر بها رجلٌ وهي قائمة وكانت ذات خَلْقَ وإدراك، فَقَال لها: يباعُ الكَفَل؟ فَقَالت: نعم عما قليل، وكان ذلك يَسْمَعُهُ صخر، فَقَال: أما والله لئن قَدَرْتُ لأقدِّمَنَّك قبلى، ثم قَال لها: نَاوِلينِى السيف أنظر إليه هل تُقِلُّه يدى، فناولته فإذا هو لا يٌقْلُّه، فَقَال: أرى أمَّ صَخْرٍ لا تَمَلُّ عِيَادَتِى * وَمَلَّتْ سُلَيمَى مَضْجَعِي وَمَكَانِي [ص 97] فأي امْرئٍ سَاوَى بأمٍّ حَلَيلَةً * فلاَ عَاشَ إلاَّ فِي شَقاً وَهَوَانِ أُهُمُّ بأمرِ الحَزْمِ لَوْ أسْتَطِيعُهُ * وَقَدْ حِيلَ بَيْنَ العَيْرُّ والنَّزَوَانِ وَمَا كُنتُ أَخْشَى أن أكُونَ جَنَازَةً * عَلَيْكِ وَ مَنْ يَغْتَرُّ بِالحَدْثَانِ فَللْمَوتُ خَيْرٌ مِنْ حَيَاةٍ كأنَّها * مُعَرَّسُ يُعْسُوبٍ بِرَأْسِ سَنانِ لَعَمْرِى لَقَدْ نَبَّهْتِ مَنْ كَانَ نَائِمَاً * وأسْمَعْتِ مَنْ كَانِتْ لَهُ أذُنَانِ قَال أبو عبيدة: فلما طال بهِ البَلاَء وقد نَتَأت قطعة من جنبه مثل اللبد في موضع الطعنة قيل له: لو قطعتها لَرَجَوْنا أن تَبْرأ، فَقَال: شأنكم، وأشفقَ عليه قومٌ فَنَهَوْه، فأبى، فأخذوا شَفْرَة فَقَطَعُوا ذلك الموضع، فيئس من نفسه، وقَال: أجَارَتَنَا إنَّ الحُتُوفَ تَنُوبُ * على النَّاسِ كُلَّ المُخْطِئينُ تُصِيبُ أجَارَتَنَا إنَّ تَسأَلِيِني فَإنَّني * مُقِيمٌ لَعَمْرِى مَا أَقَامَ عَسِيبُ كَأنِّي وَقَدْ أدْنُوا لحِزٍّ شِفَارَهُم * مِنَ الصَّبْرِ دَامِي الصَّفْحَتَينِ نَكِيبُ ثم مات، فدفن إلى جنب عَسِيب، وهو جَبَل يقرب من المدينة، وقبره معلم هناك. 2853- قَرَارَةٌ تَسَفَّهَتْ قَرَارَة قَال الأصمعى: القَرَار والقَرَارة: النقد، وهو ضرب من النَغَم قِصَار الأرجل قِباح الوجوه، وهذا مثل قولهم "نَزْوَ الفَرَارِ اسْتَجْهَلَ الفَرَار" يضرب للرجل يتكلم في القوم بالخطأ فيطا بقونه على ذلك. وقَال المنذرى: فرارة بالفاء، قَال: وهى البَهْمَة تنفر إلى أمها فيتبعها الغَنَم. 2854- القِرْدَانُ حَتَّى الحَلَمُ يضرب لمن يتكلم ولا ينبغى له أن يتكلم لَنَدَالته. والحلَم: أصغر القِرْدَان. 2855- القْرَنَبَى في عَينِ أُمِّهَا حَسَنَةٌ هي دويبة مثل الخنفس منقطعة الظهر طويلة القوائم. 2856- قيلَ للِشَّقِىِّ: هَلُمَّ إلى السَّعَادةِ، فَقَال: حَسْبِى مَا أنا فِيهِ يضرب لمن قنع بالشر وترك الخير وقَبُولَ النصح. 2857- قَدْ يُدْفَعُ الشَّرُّ بِمِثْلِهِ، إذا أعْيَاكَ غَيرُهُ قَاله بعض الماضين، وهذا مثل قول الفِنْدِ الزِّمَّانِيِّ: [ص 98] وَبَعْضُ الحِلْمِ عِنْدَ الجَهـْ * ـلِ لِلذُّلَةِ إذْعَانُ وَفِي الشَّرِّ نَجَاةٌ حِيـ * ـنَ لاَ يُنْجِيكَ إحْسَانُ 2858- قَدْ قَلَيْنَا صَفِيرَكُمْ أصله أن رجلاً كان يعتاد امرَأة؛ فكان يجئ وهى جالسةٌ مع بنيها وزوجها فيصفر لها، فتُخرج عجزها من وراء البيت وهي تُحْدِثُ ولَدَها، فيقضى الرجلُ حاجته وينصرف، فعلم ذلك بعضُ بنيها، فغاب عنها يومَه، ثم جاء في ذلك الوقت فَصَفَر ومعه مِسْمَار مُحْمىً، فلما أن فعلت كعادتها كَوَاها به، فَجاء خِلُّها بعد ذلك فصفر فَقَالت: قد قلينا صفيركم، قَال الكميت: أرْجُو لَكُمْ أنْ تَكُونُوا فِي مَوَدَّتِكُمْ * كَلْبَا كَوَرْهَاء تَقْلِى كُلَّ صَفَارِ لمَّا أجَابَتْ صَفِيراً كانَ آتِيهَا * مِنْ قَابِسٍ شَيَّطَ الوَجْعَاءَ بالنَّارِ 2859- انْقَضَبَ قُوَىٌّ مِنْ قاويةٍ الانْقِضَابُ: الانقطاع، أي انقطع الفرخُ من البيضة، أي خرج منها، كما يُقَال: برئَتْ قابية من قوب. يضرب عند انقضاء عند الأمر والفراغ منه ويقَال: انقَضَبَتْ قَابِيَةٌ من قُوبِهَا فالقابية: البيضة، والقوب: الفرخ قَال، الكميت يصف النساء وزُهْدَهن في ذَوِى الشيب: لهنَّ مِنَ المَشِيبِ ومَنْ عَلاهُ * من الأمْثَال قَابِيَةٌ وَقُوبُ أي إذا رأين الشَّيْبَ فارقْنَ صاحبه ولم يَعُدْن إليه. وأما اشتقاقَ قُوَىٍّ فَقَال أبو الهيثم: لا يُعْرَف قَاوٍ وقُوَىّ مصغراً ولا مكبراً بمعنى الفرخ اسماً له، وقَال بعضهم: أصله من قُوَى الحبل؛ لأنه إذا انقطعت قُوَّة من قُوَاه لا يمكن اتَّصالها قلت: يمكن أن يحمل هذا على قولهم: قَوَيتِ الدار، إذا خَلَتْ من أهلها، مثل أقْوَتْ، لغتان مشهورتان، فهى قَاوِيَة ومُقْوية، فيقَال: قَوَيتِ البيضة، إذا خلت من الفرخ، وقَوِى الفرخُ، إذا خرج وخلا منها، فالبيضة قَاوية: أي خالية، والفرخُ قَاوٍ: آي خالٍ من البيض، وقُوَىّ: تصغير قاوٍ على مذهب الاسم؛ لأن كل فاعل إذا كان اسمَ عَلَمٍ فتصغيرُه على فُعَيل، كما قَالوا لصالح إذا كان اسماً صُلَيح، ولعامر عُمَير، ولخالد خُلَيد، طلباً للخفة، وإذا كان نعتاً صُويْلح وعُوَيمر وخُوَيلد، وقيل: القُوَىُّ [ص 99] غيرُ موجودٍ في الشعر والكلام إلا في هذا المثل، والله أعلم. 2860- قَدْ أَفْرَخَ رَوْعُهُ أي ذهب عنه خَوْفُه. قَال الأزهري: كلُّ مَنْ لقيتُه من أهل اللغة يقوله بفتح الراء، إلا ما أخبرني به المنذرى عن أبى الهيثم بضم الراء، قَال: ومعناه خَرَجَ الرَّوْعُ من قلبه، قَال: والرَّوْعُ في الرُّوعِ، كالفَرْخ في البيضة. (أي والخوف في قلبه كالفرخ في البيضة) قلت: بعض هذا قد مضى في باب الفاء، فإذا قيل "أفْرَخَ رَوْعُه، وأورُعُه" جاز أن يكون على مذهب الدُّعَاء، وعلى معنى الخبر أيضاً، فإذا قلت "قد أفرخ" لا يصلح أن يكون للدعاء. 2861- قَرُبَ طِبٌّ ويروى "قَرُبَ طِبَّا" وهو مثل "نِعْمَ رَجُلاً" وأصل المثل - فيما يُقَال - أن رجلا تزوج امرَأة، فلما هديت إليه وقعد منها مقعد الرجال من النساء قَال لها: أبكر أنتِ أم ثيب؟ فَقَالت: قَرُبَ طِبٌّ، ويقَال أيضاً في هذا المعنى: أنتَ عَلَى المُجَرَّبِ، أي على التجربة، و"على" من صلة الإشْرَافِ، أي مُشْرف عليه قريبٌ منه ومن علمه. 2862- قَدْ صَرَّحَتْ بِحِلْذَانَ هو حِمىً قريبٌ من الطائف لين مُسْتَوٍ كالراحة لا خَمَرَ (الخمر - بالتحريك - ما واراك من شجر أو غيره) فيه يتوارى به. يضرب للأمر الواضح البين الذي لا يخفى على أحد. وقد مر ما ذكر فيه من الخلاف 2863- قَدْ بَيَّنَ الصُّبْحُ لِذِى عَيْنَينِ بَيَّنَ هنا: بمعنى تَبَيَّنَ يضرب للأمر يظهر كلَّ الظهور. 2864- قَدْ سِيلَ بِهِ وَهْوَ لاَ يَدْرِى ويقَال أيضاً "قد سال به السيل" يضرب لمن وقع في شدة 2865- اقْدَحْ بِدِفْلَى فِي مَرْخٍ، ثمَّ شُدَّ بَعْدُ أرْخِ قَال المازنى: أكثر الشجر ناراً المَرْخُ ثم العفَار ثم الدَّفْلَى. قَال الأحمر: يُقَال هذا إذا حملت رجلاً فاحشاً على رجل فاحش، فلم يَلْبَثَا أن يقع بينهما شر. وقَال ابن الأعرابى: يضرب للكريم الذي لا يحتاج أن تكدَّه وتُلِحَّ عليه 2866- القَيْدُ وَالرَّتْعَةُ قَال المفضل: أولُ من قَال ذلك عمرو [ص 100] ابن الصَّعِقَ بن خُويلَد بن نُفَيل بن عمرو بن كلاب، وكانت شاكر من هَمَدان أسَرُوه فأحْسَنُوا إليه ورَوَّحُوا عنه، وقد كان يوم فارقَ قومه نحيفاً، فهربَ من شاكر، فبينما هو بقئ من الأرض إذا اصطاد أرنباً فاشتواها فلما بدأ يأكل منها أقبل ذئبٌ فأقْعَى غيرَ بعيدٍ فنبذ إليه من شِوَائِه، فولَّى به، فَقَال عمرو عند ذلك: لقَدْ أوعَدَتْنِى شَاكِرٌ فَخَشِيتُهَا * ومن شعب ذي همدان في الصدر هَاجِسُ ونَارِ بِمَوْمَاةٍ قَليل أنيسُها * أتاني عَلَيهَا أطْلَسُ اللَّوْنِ بَائِسُ قَبَائِل شَتَّى ألَّفَ الله بينَهَا * لَهَا حَجَفٌ فَوْقَ المَنَاكِبِ يَابِسُ نَبَذْتُ إليهِ حِزَّةً مِنْ شِوَائِنَا * فَآبَ وَمَا يَخشى عَلَى مَنْ يُجَالِسُ فَوَلَّى بِهَا جِذْلاَنَ يَنْفَضُ رَأسَهُ * كَمَا آضَ بِالنَّهْبِ المُغَيرُ المخَالِسُ فلما وصل إلى قومه قَالوا: أي عَمْرو خرجت من عندنا نحيفاً وأنت اليوم بَادِن، فَقَال: القَيْد والرَّتْعَة، فأرسلها مَثَلاً، وهذا كقولهم "العز والمَنَعة" و "النجاة والأمنة" 2867- قَدْ أَنْصَفَ القَارَةَ مَنْ رَامَاهَا القَارة: قبيلة، وهم عُضَل والديش ابنا الهُون بن خُزَيمة، وإنما سُمُّوا قارة لاجتماعهم والتفافهم، لمَّا أراد الشَّدَّاخُ أن يفرقهم في بنى كنانة، فَقَال شاعرهم: دَعُونَا قارَةٌ لا تَنْفِرُونَا * فَنُجْفِلَ مِثْل إجْفَالِ الظَّلِيمِ وهم رُماة الحدقَ في الجاهلية، وهم اليوم في اليمن، ويزعمون أن رجلين التَقَيَا أحدهما قارىّ، فَقَال القرى: إن شِئت صارَعْتُكَ، وإن شِئت سابقك، وإن شِئت رَامَيْتك، فَقَال الآخَر: قد اخترت المراماة، فَقَال القارىُّ: قد أنصفتني، وأنشأ يقول: قد أنْصَفَ القَارَةَ مَنْ رَامَاهَا * إنَّا إذَا ما فِئَةٌ نَلْقَاهَا نَرُدُّ أولاَهَا عَلَى أخْرَاهَا* ثم انتزع له بسهم فَشَكَّ به فؤاده قَال أبو عبيد: أصل القارة الأكَمَةُ، وجمعها قُور، قَال ابن واقد: وإنما قيل "أنصفَ القارَةَ من راماها" في حَرْبٍ كانت بين قريش وبين بكر بن عبد مناف بن كنانة، قَال: وكانت القارة مع قريش، وهم قوم رُماة، فلما التقى الفريقان راماهم الآخَرون، فقيل: قد أنصَفَهُم هؤلاء إذ ساووهم في العمل الذي هو شأنهم وصناعتهم، وفي بعض الآثار: ألا أخبركم بأعدل الناس؟ قيل: بلى، قَال: مَنْ أنْصَفَ مِنْ نفسه، وفي بعضها أيضاً: أشَدُّ الأعمالِ ثلاثة:[ص 101] إنصافُ الناس من نفسك، والمواساة بالمال، وذكر اللَه تعالى كل حال. 2868- قَبْلَ الرِّمَاءِ تُمْلأ الكَنَائِنُ (الكنائن: جمع كنانة، وهى وعاء السهم) قَال رؤبة قبل الرِّمَاء يُمْلأ الجَفيرُ أي تؤخذ أُهبَةَ الأمر قبل وُقوعه
|